مملكة القصص والسرديات مملكة الحكايات الجزء الخامس التخطي إلى المحتوى الرئيسي

مملكة الحكايات الجزء الخامس

مملكة الحكايات الجزء الخامس

صورة اسطورية لمملكة القصص والروايات

 

 قد تتساءلون، أيها القرّاء الأعزاء، عن القصة الأكثر إثارة التي وجدها أوريون على الإطلاق. آه، إن القصة الأكثر إثارة لأوريون تُهمس بين المخطوطات القديمة والزوايا المخفية في مملكة الحكايات. اقتربوا، أيها القرّاء الاعزاء، لأهمسها لكم:


في الغرفة المظلمة التي يحتفظ فيها أوريون بمجموعته، كانت هناك صفحة واحدة - قطعة ممزقة من مخطوطة سماوية. كانت حوافها تتلألأ كغبار النجوم، وعليها نقوش برموز غير معروفة لأي بشري. كان الحبر يتوهج بلطف، كأنه مشبع بنور المجرات البعيدة.


حكت الورقة عن كوكبة منسية—كوكبة انزلقت عبر منخل الكون، متهربة من أعين الفلكيين ومراقبي النجوم. كان اسمها "ليريديا"، وكان يُقال أنها وُلدت من دموع الكائنات السماوية. كل نجم في ليريديا كان يحمل ذكرى، شوقًا، أو سرًا، أو قصة محفورة في نسيج الكون.

أخذ أوريون يدرس الورقة، متتبعًا الخطوط الدقيقة باحترام. وبينما كان يفعل ذلك، تحولت الرموز، كاشفة عن لمحات من تاريخ ليريديا.


كانت ليريديا موطنًا لعرق من النساجين المضيئين الذين كانوا ينسجون خيوط الضوء إلى كوكبات. كانت أنوالهم تهمس بألحان كونية، وأصابعهم ترقص عبر النسيج السماوي. لكن إحدى النساجات، واسمها "أسترايا"، كانت تتوق إلى المزيد. سعت لنسج نجم يربط العوالم—منارة للأرواح الضائعة والحالمين.


كان إبداع أسترايا المحظور هو "القيثارة الفضية"، نجم ينبض بموسيقى أثيرية. كانت نغماته تتردد عبر الأبعاد، تجذب المتجولين من العوالم البعيدة. لكن التوازن الكوني اهتز، وأعلن حكماء النجوم أن القيثارة الفضية يجب أن تُفكك.


رفضت أسترايا الامتثال. أخفت القيثارة الفضية داخل طيات ليريديا، حيث كانت تلمع كحلم . ثم اختفت، وأصبحت كوكبة بحد ذاتها، ضوءها يندمج مع الخيوط التي نسجتها.


على مر الزمان، لمح الباحثون ليريديا—كوكبة عابرة في ليالي بلا قمر. كانوا يتبعون وهجها الخافت، على أمل العثور على إجابات لأعمق أسئلتهم. بعضهم كان يبحث عن الحب، والبعض الآخر عن الخلاص، وقلة كانوا يتوقون فقط إلى العجائب.


أولئك الذين وصلوا إلى ليريديا سمعوا النجوم تغني—جوقة من الذكريات. لمحوا وجه أسترايا في الضباب النجمي، عيونها مليئة بالشوق، والكلمات والأسرار:


"لاتزال القيثارة الفضية تهمس للسامع؛ ابحث عن اللحن الضائع، وستجد رغبة قلبك."


وهكذا، حرس أوريون الورقة، منتظرًا اليوم الذي سيفك فيه متجول رسالتها الغامضة. حاول الكثيرون ذلك؛ العلماء، والحالمون، والعشاق المحكوم عليهم بالفراق، لكن لم ينجح أحد. بقيت القيثارة الفضية عصية، ولحنها يطارد حواف وعيهم.


تقول الأسطورة أن أوريون نفسه لمح ليريديا خلال اصطفاف كوني. رأى نول أسترايا، خيوطه مهترئة لكنها لا تزال تنسج. وفي تلك اللحظة، فهم أوريون أن تلك الورقة لم تكن مجرد صفحة ممزقة من كتاب بل كانت خريطة إلى ليريديا، دليل لأولئك الذين يجرؤون على البحث عن اللحن الضائع.


لذا، أيها القرّاء الاعزاء، إذا وجدتم أنفسكم تنظرون إلى سماء الليل، تذكروا ليريديا. استمعوا إلى النغمات الخافتة للقيثارة الفضية، وربما  تستطيعون أن تفكوا اللغز الكوني الذي نسجته أسترايا بيدها. 🌌🎶✨
















تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مملكة القصص والحكايات ( الجزء الثاني)

  مملكة القصص ( الجزء الثاني)   قد تتساءلون أعزائي القراّء  الآن  عما حدث لليرا بعد رحيل إيمون. يبقى مصير ليرا محاطًا بالغموض، تمامًا مثل الممرات المخفية داخل **مملكة الحكايات**. بعد مغادرة إيمون، واصلت دورها كحارسة للمكتبة، تعتني بالكتب القديمة وترشد الأرواح الضائعة التي تتعثر عند عتبة المكتبة. يقول البعض إن ليرا لم تكن مجرد أمينة مكتبة؛ بل كانت تجسيدًا للحكايات نفسها. عندما كان يكتمل القمر، كانت تختفي في الصفحات، وتصبح جزءًا من السرد الذي تعشقه. ربما كانت ترقص مع **بيتر بان** في نيفرلاند، تهمس بالأسرار إلى **شيرلوك هولمز**، أو تبحر جنبًا إلى جنب مع **سندباد البحار** عبر البحار غير المستكشفة. يدعي آخرون أن ليرا كانت رحّالة، تسعى دائمًا وراء حكايات جديدة لتضيفها إلى مجموعة المكتبة. كانت تسافر عبر العوالم الخيالية والمألوفة، تجمع شظايا الأساطير المنسية و تنسجها في نسيج الوجود. كانت عيناها تحملان حكمة العصور، وضحكتها تتردد في الممرات، ملهمةً الكُتاب والحالمين على حد سواء. لكن هناك شائعات —بيت مخفي في أغنية قديمة—يتحدث عن الفصل الأخير. يحكي عن أن يوم ما ستغلق ليرا **كتا...

مملكة القصص والحكايات ( الجزء الاول)

  مملكة القصص مملكة القصص والحكايات  ( الجزء الأول) كان ياما كان في سابق العصر والأوان، في مملكة القصص الغامضة، حيث تلاشت الحدود بين الواقع والخيال، كانت هناك مكتبة لا مثيل لها، لم تكن هذه المكتبة مجرد مستودع للكتب؛ لقد كانت كيانًا حيًا يتنفس، عبارة عن سلسلة من الحكايات والأحلام والذكريات المنسية. كانت المكتبة تقع في قلب المملكة، وأبراجها الشاهقة تصل نحو السماء. وزيّنت جدرانها بالجداريات التي تصور مشاهد من الملاحم القديمة، والأسرار الهامسة، وضحكات الأطفال السارحة في صفحات قصصهم المفضلة. كان الهواء في الداخل مثقلًا برائحة الورق والحبر والوعد بالمغامرة. في هذا الملاذ السحري، لم يكن أمين المكتبة إنسانًا عاديًا، كانت اسمها ليرا، وكانت تمتلك القدرة على الدخول في الروايات ذاتها التي ألّفتها، كلما فتحت كتابًا، دخلت عالمه، وصارت جزءًا من نسيجه، يمكنها التحدث مع التنانين، والرقص مع الجنيات، والمبارزة مع القراصنة المتعجرفين - كل ذلك داخل حدود المكتبة. في أحد الأيام، عثر مسافر مرهق يُدعى إيمون على مملكة القصص. اتسعت عيناه وهو يدخل القاعة الكبرى، حيث امتدت الرفوف إلى ما لا نهاية في كل ا...

مملكة القصص والحكايات الجزء السادس

  حكاية اللحن الضائع أسطورة اللحن الضائع من مملكة الحكايات هي حكاية تتجاوز الزمان والمكان، منسوجة في نسيج العديد من السرديات. يُقال إن اللحن الضائع ليس وجهة بل رحلة، مهمة لا يمكن القيام بها إلا من قبل أكثر الباحثين تفانيًا. حاول الكثيرون العثور على اللحن الضائع، مسترشدين بجاذبية لحنه السماوي ووعده بتحقيق رغبات القلب. قاموا بتمشيط النصوص القديمة، وفك رموز خرائط النجوم، واستمعوا إلى همسات الكون. ومع ذلك، بقي اللحن عصيًا، تردد نغماته دائمًا خارج متناول اليد. ولكن هناك قصة، قصة داخل قصة، تتحدث عن شخص وجد اللحن الضائع. كان اسمها إلارا، مغنية بصوت يمكنه تهدئة أعنف العواصف. تجولت في العوالم، وهي تحمل قيثارتها في يدها، تغني أغانٍ يمكن أن تجعل النجوم تبكي. سمعت إلارا أسطورة اللحن الضائع وشعرت به يجذب روحها، كأن اللحن يتردد بداخل روحها هي. شرعت في مُهمة تتبع الأثر الذي تركته ورقة أوريون. جابت الأراضي المنسية وتحدثت مع أصداء الماضي. في إحدى الليالي، تحت القمر، وجدت إلارا نفسها في لحظة تجلي، حيث كان الحجاب بين العوالم رقيقًا. عزفت على قيثارتها، واهتزت الأوتار بصوت كان جديدًا وقديمًا في آن واحد...