اللقاء اﻻخير (1)
الموت هذا اليقين الذى ﻻ مفر منه وﻻ دافع له.يصيب الجميع وﻻ يستثنى احد.الكل مؤمن به ﻻ يكذبه احد وﻻ ينكره احد. عدا ذلك كل شئ مختلف عليه
لقد رأيته اكثر من مره. فى نفسى وفى غيرى .رأيته عن كثب و عرفته منذ زمن .
كان اللقاء اﻻول فى نفسى ربما لم اعى جيدا وقتها لصغر سنى بأنه لقاء مع الموت وانه حدث جلل الا بعد سنوات وسنوات و ربما لم اعى صعوبته الا عندما واجهته فى حبيبتى هنالك ادركت ما كان منذ سنوات اتذكر ما حدث بكل وضوح و دقة و بالتفاصيل . كنت فى الخامسة عشر وكعادتنا ذهبت مع اسرتى فى اجازة الصيف لقضاء يوم على شاطئ البحر باﻻسكندريه ولكن هذه المرة ذهبنا الى شاطئ العجمى اكتوبر.شاطئ هادئ ونظيف.و كان معنا فى هذه الرحلة زميلتى من المدرسة التى يصادف انها إبنة زميل امى بالعمل نزلنا البحر سويا وبسعادة بدأنا اللعب فى الماء ولم ندرى اننا فى غفلتنا ابتعدنا واصبحنا فى بقعة من البحر غير بعيد عن تجمع الناس ولكنها خالية منهم وكان ذلك لحكمة ولكننا لم نكن نعرفها فهذه اول مره نقصد هذا الشاطئ .ولم يمضى كثيرا من الوقت حتى عرفنا السبب انها بقعة الرمال بها خشنة و مليئة بالحفر تصنع دومات بداخلها وتسبب ما يعرف"بالسحب" من يقع بها اذا لم يكن يحسن السباحة غرق بالتأكيد فى دقائق معدودة .وبالطبع انا وزميلتى لم نكن نعرف السباحة على اﻻطﻻق. كل ما كنت اتقنه وقتها هو حبس انفاسى لمدة طويلة والطفو على وجهى فى الماء اما زميلتى كانت تحسن شئ اخر هو الصراخ ،فعندما سقطنا فى السحب شرعت فى الصراخ واﻻستغاثة بينما سقط انا فى الصمت.
نعم كنت اغرق فى صمت واخذت افكر فى حياتى كلها .حاولت فى البداية ان انزل تحت الماء وامشى على الرمال ،طبعا وانا اكتم انفاسى حتى اخرج من هذه الحفره ولكن هذا الحل فشل فالرمال اخذت تنزلق اسفل اقدامى .حاولت ان اعوم بطريقة الكﻻب ولكنها فشلت ايضا فلم اتحرك من موضعى عندها كنت قد شربت الكثير من المياه واصابنى اﻻرهاق وشياء فشئ بدأت استسلم لفكرة الموت ولكن مع ذلك فكرت فى حل اخير ان اكتم انفاسى واطفو فوق الماء ربما دفعنى الموج للشاطئ او جذبنى للداخل ،اى اﻻمرين سوف ارضى به فﻻ مفرمن ذلك،.
وعندما شرعت فى تنفيذ الحل اﻻخير رأيت مشاهد حياتى تتحرك امام عينى كما فى شريط الصور الفوتوغرافية صورة تلو اﻻخرى اشياء سعيدة واخرى حزينه ووجدت اغلبها حزين فطمأننت للموت والراحة ولكني رأيت مشهد اخر مشهد خروجى محمولة على اﻵيادي من البحر غريقة وتجمع الناس من حولى وعلم امى و ردة فعلها وفاجعتها فى فلذة كبدها وشعرت بألمها فحزنت عليها كثيرا وتمنيت عندها ان اعيش من اجلها، من اجلها هى فقط لكى ﻻ تحزن.وكنت اسمع فى اذنى صوت ضجيج الشاطئ ثم اصداء الموج بالتبادل ثم انقطع الضجيج وبعده انقطعت اﻻصداء ثم ساد الصمت التام لم اعد اشعر بأى شئ ﻻ بالماء وﻻ بأﻻم حلقى وانفى الذى التهب من ماء البحر وﻻ بجسدى الذى تلطمه اﻻمواج انقطع اﻻحساس لفترة.
ثم عاد فجأة كل شئ دفعه واحده أﻵلم الضجيج اﻻحساس.كان يحملنى شخص الى خارج الماء وهو مقتنع انه يخرج جثه من البحر وانى فارقت الحياة .وإذا بى ابعث من جديد فى دنيا اﻻحياء ولكن من عادت ليست مثل من كانت فقد اصبحت اكثر قوة و وضوح اصبحت اعرف اولوياتى ومواطن ضعفى وقوتى.فأول ما فعلته بعد عودتى نهرت الشاب الذى يحملنى وطالبته ان يتركنى وفى زهول فعل وهو يكرر الكلمات كأنه يحاول ان يفهمها . ثم ظنا''منه اننى فى حالة عدم اتزان اخبرنى لقد كنت تغرقين هل انت بخير .بالطبع انا بخير لم اكن اغرق من قال ذلك .والغريب اننى عدت بهذه القوة والعناد قبل ان يصل الشاب بى الى الشاطئ كان مازال داخل الماء والمياه تصل الى ركبتيه.واذا بى بعد هذه التجربة بنصف ساعة فقط اعاود النزول الى البحر دون ان اخبر احد بما حدث و دون ان اخشى البحر.
اما زميلتى فلم تنزل البحر من بعدها ابدا على الرغم من ان هناك من ساعدها سريعا وانشغلت تماما بنفسها فلم تخبر احد بما حدث لى، ربما لم تﻻحظه على اﻻطﻻق حمدا لله على ذلك.
اما الشاب الذى ساعدنى وجب علي شكره اينما كان اﻻن ﻻنه كان سببا لعودتى للحياة واعطائى فرصة رعاية حبيبتى وهذا شئ احمد الله علية كثيرا.
هذا لقائى اﻻول مع الموت انتهى بالعناد والتحدى للخوف.اما لقائى الثانى كان...........
............................................................ يتبع .........................................................
تعليقات
إرسال تعليق
شكرا على اهتمامكم، يسعدنا أن نستمع الى أرئكم.
لكم حرية التعليق والنقد، ولكن ﻻ تنسى متابعة المدونة .