لقاء الوداع يعتقد البعض أن الإنسان الذي يعبر عن مشاعره ويخبر الآخرين عما يشعر به ويفكر فيه إنسان ضعيف، على النقيض، إنه إنسان غاية في القوة. أن تخبر إنسانًا تهتم به وبأمره بما تشعر به تجاهه، أيًا ما كان ما تشعر به، شيء في منتهى الشجاعة والجرأة. لم تكن تعتقد أنها تستطيع أن تفعل ذلك. نظرت في عينيه، وأخبرته بمنتهى الصراحة أنها معجبة به، حتى من قبل أن تراه وجهًا لوجه، وأنها كانت تتمنى مقابلته والتعرف عليه عن كثب، وأنها كلما زادت معرفتها به وتعمقت في شخصيته زاد إعجابها به، حتى أنها الآن أصبحت تحبه ولا تتخيل حياتها بدونه. رأت وجهه وهو يتغير على وتيرة كلماتها، من ابتسامة الحياء التي كانت تعلو وجهه في البداية إلى الدهشة، إلى الغموض، إلى الارتباك الذي ملأ وجهه ولفتاته. وعندما أنهت كلماتها كان وجهه شاحبًا، مرتبكًا، ومصدومًا، كأنه رأى شبحًا يقف أمامه ويستعد ليدفعه من أعلى جرف إلى عمق المحيط. فتابعت كلماتها بسرعة ورزانة: لا أخبرك ذلك لأني أنتظر منك ردًا، ولا أعرف حتى لماذا أخبرك، ولكني شعرت بشيء فأردت أن أشاركك إياه. لا أطالبك بأي شيء على الإطلاق، فحبي لك أمر خاص بي وحدي. أنا المسؤولة عنه ولا يُلزم...
مملكة القصص ( الجزء الثاني) قد تتساءلون أعزائي القراّء الآن عما حدث لليرا بعد رحيل إيمون. يبقى مصير ليرا محاطًا بالغموض، تمامًا مثل الممرات المخفية داخل **مملكة الحكايات**. بعد مغادرة إيمون، واصلت دورها كحارسة للمكتبة، تعتني بالكتب القديمة وترشد الأرواح الضائعة التي تتعثر عند عتبة المكتبة. يقول البعض إن ليرا لم تكن مجرد أمينة مكتبة؛ بل كانت تجسيدًا للحكايات نفسها. عندما كان يكتمل القمر، كانت تختفي في الصفحات، وتصبح جزءًا من السرد الذي تعشقه. ربما كانت ترقص مع **بيتر بان** في نيفرلاند، تهمس بالأسرار إلى **شيرلوك هولمز**، أو تبحر جنبًا إلى جنب مع **سندباد البحار** عبر البحار غير المستكشفة. يدعي آخرون أن ليرا كانت رحّالة، تسعى دائمًا وراء حكايات جديدة لتضيفها إلى مجموعة المكتبة. كانت تسافر عبر العوالم الخيالية والمألوفة، تجمع شظايا الأساطير المنسية و تنسجها في نسيج الوجود. كانت عيناها تحملان حكمة العصور، وضحكتها تتردد في الممرات، ملهمةً الكُتاب والحالمين على حد سواء. لكن هناك شائعات —بيت مخفي في أغنية قديمة—يتحدث عن الفصل الأخير. يحكي عن أن يوم ما ستغلق ليرا **كتا...